الشاعرة ليندا سلمان: الشعر بستوطن أرواحنا وآلامنا وآمالنا .

حوار اجراه : زكي الديراوي

شاعرة من بلاد الشام القطر السوري الشقيق بلد الثقافة والعلم ولدت فيه وترعرعت في أجواءها المشبعة بعطر الأدب والشعر وإرتوت ماء بردى
الملهم للعطاء ، فكانت تحمل كل الأنبعاثات الفكرية والجمالية لتدخل عالم الشعر والأدب من الأبواب الواسعة ، أنها الأدبية الشاعرة ليندا سلمان أبراهيم الحاصلة على دروع الإبداع وشهادات التميز للأدبي.
قبل أيام حطت رحالها في البصرة مدعوة من دار الأدب البصري للإحتفاء بها وبمنجزها الإبداعي حيث أقيمت لها اكثر جلسة ولقاء
تكريما لها وخلال وجودها بيننا أجرينا معها هذا الحوار.
س1:
الشِّعر قضيَّة. كيف تتعاملين مع قضاياه، ومن أي جانب فلسفي أو سياسي أو اجتماعي؟

ج __
الشِّعر قضية القضايا، هو كونٌ بأكمله، يستبطن أرواحَنا وآلامَنا وآمالَنا، أوطانَنا الكبيرةَ والصَّغيرة، الماديَّة والمعنويَّة، ذكرياتِنا وطموحاتِنا ومدنَنا الفاضلةَ وأوهامنا… تخيَّلْ للحظة، واسألْ نفسَكَ السُّؤالَ الآتي: ماذا لو لم يكن هذا الكائنُ ” الشِّعر” موجوداً في حياتنا، فكيف ستكون أرواحنا وحياتنا وعواطفنا؟ الشِّعرُ فلسفةٌ، وفنٌّ، ولغةٌ، وجمالياتٌ، وأرواحٌ تتسامى وتتعالقُ مع سُمُوِّ المخيِّلة فتُسعفَنا في أحايينَ كثيرة من براثن عالم الماديات، بل وأعتبر الشِّعرَ عقاراً نُصَنِّعُهُ من آلامنا وأرواحنا، أعتبره إكسيراً للخلود… وبهذه الرؤية تكون مطارحاتي مع الشِّعر ومن هذه الجوانب كلها، وغيرها.

س2 _
كيف نمَتْ لديك ملكة الشِّعر، وهل للمحيط تأثيرٌ بذلك؟ أم هو موهبة خالصة عندك؟

ج __
أتيتُ لهذه الحياة وأنا أعي الشِّعرَ وأحبُّهُ، يملأ شغافي، ويخفق بين جوانحي، يرفُّ قلبي الصَّغيرُ لسماعه، وتترنَّم نفسي لأغنياته، هي ملكة نعم، وموهبة أنتجتها عوامل الوراثة والبيئة والفطرة، نعم…

هناك موهبة بالفطرة، لكنَّها تحتاج بيئةً مناسبةً لتنمو وتترعرع وتُفْصِحَ عن نفسها، تحتاج المحيطَ الذي يتقبَّلُ ويدعمُ ويشجِّعُ، وفوق كلِّ هذا يكون التعويلُ على الاجتهاد في رفدها وتنميتها بالمطالعة، والاطلاع على تجارب الآخرين، والثقافات المتنوعة، وبالوقت نفسه امتلاكُ مشروعٍ ثقافيٍّ تكون له سمةُ الاستمراريَّة ودوامُ التجريب والتنوُّع.

س3__
كيف وجدتِ البصرةَ؟ وما هو انطباعُكِ عن المسار الثقافيِّ فيها؟

ج __
أتيتُ البصرةَ أوَّلَ مرَّةٍ منذ حوالي عقدٍ من الزَّمن مشارِكَةً في مهرجان “المربد” العريق، رأيتُها كابية، متعبةً، حزينة الروح، مع أنها تَعُومُ على كنائزَ من الماء والنفط، غير أنَّها زاخرة بالشعر وروح التمرُّد. وعندما أتيتُها مرة أخرى، وإذ بي أمام مدينة عظمى عمرانياً وثقافياً ومدنياً، مع حفاظها على هويتها التراثية، وشطُّ العرب يزيدها جمالاً والأهوار يُسْعَى إليها على كل مركب ماخر من كل فجاج الأرض. مؤخراً غادرتُها عروساً معشوقةً ترفلُ بجمالها، بترفها الأدبي والفكري والاجتماعي، بقاماتها عبر الزَّمان، بمتتالية عظمائها التي لا ولن تنتهي… رأيتها تحتفي بـ “البريكان” و”الحجَّاج”، وتتحضَّرُ لإحياء ذكرى “رابعة” ومئوية “السَّيَّاب” من قبل مختلف شرائح أبنائها من الأدباء إلى الأكاديميين، رأيتها قامة من ضوء وكِبَرٍ عليها قلائد من الشِّعر والمدنيَّة والتحضُّر.
أكثر ما لفت نظري الحركةُ النَّسويَّة المثقَّفة الواعية التي نشأت فيها وبزغت وأعلنت عن نفسها، بعد طول مجاهدة، عبر نساء أديباتِ مثقَّفاتٍ ابتعثن تراثَ الجدَّات، ويتابعن مسيرتهُنَّ، رأيت أبناءها المغتربين وكيف لا يزالون محافظين على خيط المشيمة بأمهم البصرة، على الرغم من اغترابهم، لحظتُ حركة أقلام الريادة وهنَّ يفصحنَ عن مشروعهنَّ، وجدتُ اهتماماً بالرُّواد والكبار والأسماء الشَّامخة من أبنائها صحياً واجتماعياً وأدبياً وإنسانياً.

س4 _
هل أنصفك النُّقَّادُ بالتعرُّض لتجربتك الشِّعريَّة وهل كانت كتاباتهُم تخدمُ هذه التَّجربة؟
ج __
كُتِبَ العديدُ من المواد المتخصِّصة المُهمَّة في شعري، ومن قِبَلِ أسماءَ كبيرةٍ لها اسمها في عالم النَّقد والدراسات، إلا أنها لم تُوْضَعْ موضعَ الدِّراساتِ الأكاديميَّة الجامعيَّة بعدُ، وهذا ما ينقصُ هذه التجربة، لكي يتمَّ إلقاءُ الضَّوء عليها وتمحيصُها بل، وإيجاد جوانب جديدة فيها.

س5__
أين تجدين نفسك بين شعراء جيلك من الشُّعراء السُّوريِّين وماهي سمات القصيدة عندك؟
ج __
ليس فقط السوريين بل العرب، كوني معروفة عربياً، ودائماً أجد نفسي في خَطِّي ومنهجي وتجربتي التي اختَطَطْتُها لنفسي منذ بدء مشواري الشِّعري… أما سماتُ القصيدة فأدعُها للدَّارسين والمهتمِّين والمختصِّين… الشَّاعرُ يكتبُ، والنَّاقد يلتقط الإشارات والتحوُّلات.

س6_
هل الشعر العربي ما زالت تتحكم فيه لغةُ العمود والتَّفعيلة، أم أنه تحرُّرٌ منها بفعل الرُّؤيا الحديثة للشِّعر؟

ج__
الشعر حركة تطور دائمة في جميع الاتجاهات، ما عدا الوراء، وهو تحرُّرٌ لائبٌ من كلِّ قيود التَّجربة الشَّخصيَّة والتَّجارب الأخرى السَّابقة أو المُجَايِلَة، الشعر كتابة متجددة دائماً بكل أشكاله الفنية، لا تخضعُ لقانونٍ نسبيٍّ أو وَضعِيٍّ، بل لقانونِ العبقرية وتطويع الموهبة، والآفاق والمديات التي يتكشَّفُها ولا تحدها حدود.

لكل شكل من أشكال الشِّعر، ومرحلة من مراحله، رؤيتُهُ التجديديَّة والتَّحديثيَّة لغوياً ورؤيوياً وابتكاراً لجهة الصُّورة والخيال والتَّناول في المواضيع، والتَّطوُّر الشِّعري هو ما يفتح هذه الرُّؤى وينحتُها بالأزاميل والمزامير.

س 7__
كيف ترين قصيدة النَّثر؟ هل تفي بما يريد قوله الشَّاعر، أم أنها هروب من القوالب القديمة؟

ج __
تفي ولا تفي، فإن وفَتْ فلِخُرُوجها، إلى حد مدروس، عن قيود وضوابط النَّص الموزون، وإن لم تفِ وأكثرت وزادت، صارت جنساً آخر غير الشعر… وكما أسلفتُ في الجواب عن السُّؤال السَّابق، فالشِّعر هروبٌ من تطوُّر إلى تطوُّر ومن ابتكار لابتكار، والنصُّ النَّثري يمثل هروباً ما لجهة التَّفَلُّتِ، لغاية التَّفَلُّت أحياناً، من لَبوس القصيدة العموديَّة، أو هو تفلُّتٌ من المعايير الموضوعية المألوفة للشعر والتي أشبِعَتْ طرقاً وتناولاً وتداولاً، وهي أحياناً هروبٌ، لمجرد مجاراة الشَّكل لا أكثر، في جُلِّ نصوصها، أو لغرض البوح والسَّرديَّة فحسب، لكنَّ النَّثر كنصٍّ شعريٍّ له ضوابِطُهُ ولُعْبَتُهُ الفنيَّةُ والنَّصيَّة واللغويَّة والإيقاعيَّة، ولهُ ِكِبَارُه الذين أنتجوا مشروعهم الإبداعي كالماغوط وأنسي الحاج وأبو عفش وغيرهم..​​​
سيرة ذاتية :
شاعرة سورية – مواليد دمشق

عملت في وزارة الثقافة السورية وهي مهندسة استشارية
– عضو اتحاد الكتاب العرب في سورية – جمعية الشعر- عضو نقابة المهندسين السوريين والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية
– عضو مشارك في اتحاد الصحفيين السوريين
– عضو جمعية العاديات الثقافية –
لها مشاركات في المهرجانات الأدبية والفعاليات الثقافية في سورية والدول العربية.
حصلت جائزة مسابقة أمير الشعراء 2013 / دولة الإمارات العربية المتحدة
وجائزة نازك الملائكة للإبداع النسوي العربي / بغداد –العراق/ 2014
وجائزة عمر أبو ريشة للشعر العربي سورية جائزة الأغنية الوطنية السُّوريَّة- دمشق 2021

وصدر لها
-“لدمشق هذا الياسمين” /مجموعة شعرية/ 2013
-“فصول الحب والوحشة” /مجموعة شعرية 2013
-“لحضرة الرسولة” /مجموعة شعرية/ 2016
“أنا امرأة الأرض” /مجموعة شعرية/ 2016
-“لسيدة الضوء” /مجموعة شعرية/ 2018
-“منمنمات دمشقية” /مجموعة شعرية/ 2019
-“على الجسر العتيق” /مجموعة سردية/ 2019
“حتى لاح ظل” /مختارات شعرية/ 2023
-“تكايا الرغبة” /مجموعة شعرية/ 2025
-“فوق عرش الزمان” /مختارات شعرية/ مترجمة
كتبت عن تجربتها العديد من الدراسات النقدية

زر الذهاب إلى الأعلى